موقع Allah Mahabbaالإيمانُ وَالبَساطة طريقُنا إلى يسوع الوديع والمتواضع القلب
“أحمدُك يا أبت، ربّ السّموات والأرض، على أنّك أخفيت هذه الأشياء على الحُكماء والأذكياء،
وكشفتها للصّغار. نعم يا أبت، هذا ما حسُن لديك”. (متّ 11: 25)
أمام كلمات يسوع هذه، نسأل ونُفكّر، هل يُميّز اللهُ بين النّاس؟ هل هو يُفضّل شخصٍ على آخر؟ يُفضّل البُسطاء مثلاً على الحُكماء؟ إذا كان الأمرُ كذلك، إذاً ليس اللهُ هو إلهُ المحبّة، وليس هو بعادلٍ، فمن أعطى هذا ذكاءً وذاك بساطةً، ألا ننسُب مثل هذه الأُمور إلى الله، ونُلقي بالملامة عليه بسبب الغيرة والمـُقارنة؟
كيف يُمكنُنا أن نفهم أنّهُ وديعٌ ومُتواضعُ القلب؟!
في الواقع نحنُ من تربَّينا على التّمييز والمُقارنة والتّفضيل بين الأشخاص والأشياء، ويقومُ اختيارُنا على أساس ما هو الأفضل بالنّسبة إلينا انطلاقاً ممّا نعتقد أنّهُ الأفضل. قد أصبح هذا الأمر من ديناميّة تفكيرنا وهو يُؤثّر كثيراً على تصرُّفاتنا وعلى خياراتنا وعلى واقع حياتنا. ألا يُسبّب هذا المـنطق بطريقةٍ ما، غيرةً وحسداً وروح مُنافسة، فيما المطلوب أن يعرف قلبُنا سلام المـسيح وتعزية الرُّوح القُدُس؟
في الحقيقة إنّ موقع كلمات يسوع في الإنجيل، تُبيّنُ لنا أنّ منطق يسوع يختلف تماماً عن منطق العالم السّائد. يسوعُ الّذي يشكُرُ الآب السّماوي على ثمار رسالة تلاميذه الأُولى وخبرتهم لقُوّة الرُّوح القُدُس، هو يُريدُ أن يُبيّن الطّريق الّتي تقودُ إلى هذه الخبرة الرُّوحيّة، وتُبيّن على أنّ الله حقًّا محبّة وأنّ تعليمهُ يشفي ويُريح ويُعزّي. فمن يرى يسوع بعين الإيمان ويسمعهُ على مُستوى رغبة القلب الحقيقيّة، سيُدرك في صميم قلبه أنّهُ الوديعٌ والمُتواضعُ القلب.
من هُنا الطّريقُ إلى معرفة الله، لا تقومُ على حكمةٍ وذكاءٍ بشريّ فقط، فهُما من دون الإيمان وعمل الرُّوح القُدُس لن يوصلا إلى الحقّ وإلى المحبّة. أليس هذا من أسباب الإلحاد والجُحود في العالم؟ إذاً الأولويّة هي للإيمان، الّذي فيه يكونُ اللهُ العاطي قبل عطيّة العقل والذّكاء.
المـدخل إلى معرفة الرّبّ هو نعمةُ الإيمان، الّذي يدعو الإنسان ليكون الله مركز ثقته ومصدرها، وليس الذّات مثلما يفعل المـُتكبّرونُ الّذين يدّعون أنّهُم حُكماء وأذكياء. كلمة يسوع في الإنجيل تُميّز بين فضيلة التّواضُع ورذيلة الكبرياء، وتُعلّمُنا كيف نتجنّب هذه التّجرُبة.
إنّ هؤلاء المُتكبّرين المـُدّعين الحكمة والذّكاء، الّذين عنى بهم يسوع المـُتديّنين بتعصُّبٍ حينها، أي عُظماء الكهنة، والشُّيوخ، والكتبة والصدوقيّون، بالإضافة إلى الفرّيسيّين الّذين أضافوا على وصايا الله 613 وصيّة، قد شوّهوا جوهر وصايا الله الّتي أساسُها محبّة الله ومحبّة القريب ليزعموا أنّهُم يُعلّمون طريق الحقّ. للأسف ما زالت هذه التّجرُبة قائمة إلى يومنا هذا.
بقول يسوع: “تعالوا إليّ يا جميع المـُرهقين والمـُثقلين بالأحمال وأنا أُريحُكمُ” (متّ 11: 28)، نفهم بالمعنى المُباشر، أنّهُ يدعونا للخُروج من هذه التّجرُبة وهذه الرُّوحانيّة الحزينة. هو يدعونا إلى حمل نيره الخفيف، أي أن نتتلمذ لتعليم إنجيله حيثُ يعرف قلبُنا لُطف وحنان ورقّة الله ووداعته وتواضُعه.
إذاً، يُعلّمُنا يسوع ألّا يكون تمييزُنا على مُستوى الأفضل بالكمال الخارجيّ، حيثُ الذّكاء والغنى والصحّة والقُوّة والجمال، بل على مُستوى الأفضل بالكمال الدّاخليّ على أساس الإيمان والخير والفضيلة، أي على أساس العلاقة الإيمانيّة بالله، حيثُ نكتشف أنّنا أبناء الله المـحبوبين.
بقول يسوع: “فإنّي وديعٌ مُتواضعُ القلب” (متّ 11: 29)، نُدرك أنّهُ حقيقةً المـحبّة الكاملة الّتي قدّم القدّيس بولُس وصفاً رائعاً عنها في رسالته الأُولى إلى أهل قورنتُس (13: 1 – 13). الوديعُ والمـُتواضع القلب هو لا يحكُم على أحدٍ، بل يقبلُ الجميع برحابة صدرٍ واسع. هو لا يشترط على أحدٍ شيئًا، ولا يفرض ذاتهُ بالقُوّة، هو المـُحبُّ للخير الكامل، ويُريدُنا أن نكون فيه بلا عيبٍ في المحبّة. هو الّذي معهُ نجدُ سلام قلبنا، لأنّنا في حضرته نُدركُ أنّنا جدّاً محبوبين منهُ.
لننظُر إلى قلب يسوع المـطعون بالحربة، ولنتأمّل عظمة محبّته ورحمته اللّامُتناهية.
في كُلّ مرّةٍ العالم وفكرُنا والشّرّير يُهاجموننا، ليُبيّنوا نقصنا، لكي نبحث عن كمالٍ خارجيّ علّنا نتصالحُ مع أنفُسنا، فلنتذكّر أنّ إلهنا طيّبٌ جدًّا جدًّا، و”إنّهُ الوديع والمـُتواضعُ القلب” (متّ 11: 29) الّذي يُصالحُنا مع أنفُسنا ومع الله الآب، إنّهُ ثروتنا بالقدر الكافي.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!