موقع Allah Mahabba السبت من الأسبوع الأوّل بعد الدنح
رسالة القدّيس بولس الثانية إلى أهل قورنتس 12: 11 – 16
يا إخوَتِي، هَا قَدْ صِرْتُ جَاهِلاً! ولكِنْ أَنْتُم أَجْبَرتُمُونِي! وكانَ عَلَيْكُم أَنْتُم أَنْ تَشْهَدُوا لي، لأَنِّي لَمْ أَنْقُصْ في شَيءٍ عَنْ أَكَابِرِ الرُّسُل، ولَوْ لَمْ أَكُنْ شَيئًا.
إِنَّ العَلامَاتِ المُمَيِّزَةَ لِلرَّسُولِ قَدْ تَحَقَّقَتْ بَيْنَكُم في مُنْتَهَى الصَّبْر، بِالآيَاتِ والعَجَائِبِ والأَعْمَالِ القَدِيرَة.
ففِي أَيِّ شَيءٍ نَقَصْتُم عَنْ سَائِرِ الكَنَائِس، إِلاَّ بِأَنِّي لَمْ أُثَقِّلْ عَلَيْكُم؟ فَٱغْفِرُوا لي هذِهِ الإِساءَة!
هَا إِنِّي لِلمَرَّةِ الثَّالِثَةِ أَسْتَعِدُّ لِلقُدُومِ إِلَيْكُم، ولَنْ أُثَقِّلَ عَلَيْكُم، لأَنِّي لا أَطْلُبُ مَا هُوَ لَكُم، بَلْ إِيَّاكُم أَطْلُب. لأَنَّهُ لَيْسَ عَلى الأَولادِ أَنْ يَدَّخِرُوا لِوالِدِيهِم، بَلْ عَلى الوَالِدِينَ أَنْ يَدَّخِرُوا لأَولادِهِم.
وأَنا بِكُلِّ سُرُورٍ أَبْذُلُ مَا عِنْدي، بَلْ أَبْذُلُ نَفْسِي لأَجْلِ نُفُوسِكُم! فَهَلْ تُحِبُّونِي أَقَلّ، لأَنِّي أُحِبُّكُم أَكْثَر؟
فَلْيَكُنْ! أَنا لَمْ أُثَقِّلْ عَلَيْكُم؛ ولكِنِّي رَجُلٌ مَاكِر، بحِيلَةٍ أَخَذْتُكُم!
إنجيل القدّيس يوحنّا 10: 40 – 42
عَادَ يَسُوعُ إِلى عِبْرِ الأُرْدُنّ، إِلى حَيْثُ كَانَ يُوحَنَّا يُعَمِّدْ مِنْ قَبْلُ، فَأَقَامَ هُنَاك.
وأَتَى إِلَيْهِ كَثِيرُونَ وكَانُوا يَقُولُون: «لَمْ يَصْنَعْ يُوحَنَّا أَيَّ آيَة، ولكِنْ، كُلُّ مَا قَالَهُ في هذَا الرَّجُلِ كَانَ حَقًّا».
فآمَنَ بِهِ هُنَاكَ كَثِيرُون.
التأمّل
”كُلُّ ما قالَهُ في هذا الرَّجُلِ كانَ حَقًّا“
غالِبًا ما نَظُنُّ أَنَّ وُجودَنا يَنتَهي مَعَ مَوتِنا الجَسَديّ. صَحيحٌ أَنَّ المـَوتَ يُلغي حَيِّزًا كَبيرًا مِن وجودِنا وَلَكِنَّهُ لا يَستَطيعُ أَبَدًا أَن يُلغينا تَمامًا. قَبلَ الحَديثِ عَن القِيامَةِ بِأَجسادٍ مُمَجَّدَة، هُناكَ شَيءٌ مِنَّا يَبقى بِقُوَّةٍ مِن حِكمَةِ الله، يَكونُ بِمَثابَةِ الإِستِمرارِ لِبَقائِنا على مُستَوىً آخَر، وَيُقَدِّمُ مَعنًى لِلآخَرين، سَواءَ الَّذينَ عَرَفونا وَلَم يَعرِفونَنا. هذا ما نَراهُ واضِحًا وَبَيِّنًا مَعَ يوحَنَّا المَـعمَدان، فَالَّذينَ عَرَفَوه، بَعدَ استِشهادِهِ تَذَكَّروا أَقوالَهُ، وَكانَ لِصَوتِهِ وَقعًا مُؤَثِّرًا عَلى حَياتِهِم، فَدَلَّهُم عَلى المـَسيحِ بِشَهادَتَي: الكَلِمَة وَالدَّم. هذا ما نَشهَدُ عَلَيهِ اليَوم نَحنُ أَيضًا عِندَما نَتَوَقَّفُ أَمامَ حَياةِ القِدّيسين، وَأَمامَ الَّذينَ عَرَفناهُم وَانتَقَلوا مِن بَينِنا تارِكينَ لَنا عِطرَ حُضورِهِم الخَفِيِّ الدَّائِمِ مَعَنا. مِن هُنا نَكتَشِفُ أَنَّ للصّدقِ أَوَّلًا وَللصِّيتِ ثانِيًا مَكانَةٌ مُهِمَّة وَمُؤَثِّرَة، لَيسَ فَقَط مَعَ حُضورِنا، إِنَّما أَيضًا مَعَ غِيابِنا. الطُّوبى لِمَن يُعرِّفُ عَن الرَّبَّ بِحُسنِ سُلوكِهِ وَصِدقِهِ وَبِالخَيرِ الَّذي يَصنَعَهُ، فَهوَ يُقَدِّمُ مَجدًا لله، وَيُؤتي مَنفَعَةً وَفائِدَةً لِخَيرِ النَّاس.
يا بُنَيَّ، استَشهَدَ يوحَنَّا وَمَعَهُ ماتَ جَسَدَهُ، وَلَكِنَّ صَوتَهُ الَّذي حَمَلَني لَم يَعرِفِ المـَوتَ أَبَدًا لِأَنَّي أَنا القِيامَة. مَضى يوحَنَّا وَغابَ عَن أَنظارِ عارِفيهِ وَسامِعيهِ وَلَكِنَّهُ بَقِيَ في قُلوبِهِم وَضَمائِرِهم بِمَثابَةِ المـُرشِدِ وَالصَّديقِ. وَقعُ كَلامِهِ ظَلَّ باقِيًا، لِأَنَّهُ ما شَهِدَ لِنَفسِه وَلا مِن نَفسِهِ بَل بِقُوَّةِ الرُّوحِ القُدُسِ، فَبَقِيَ مَعروفًا بِالمـَعمَدانِ لِأَنَّهُ وَإِن أُوقِفَ عَن خِدمَةِ العِمادِ جَسَدِيًّا، بِقُوَّةِ كَلِماتِهِ النَّارِيَّة، أَشعَلَ القُلوبَ بِالتَّوبَةِ وَالنَّدامَةِ، فَدَلَّ النَّاسَ عَلَيَّ. يا لَيتَكَ تَأخُذُ العِبرَةَ مِن شَخصِهِ وَمِثالِهِ، وَتُقدِم على أَن تَكونَ صَيَّادَ بَشَرٍ، فَتَترُكَ لَكَ أَثَرًا في قُلوبِ عارِفيك، إِذا لَم يَكُن بِالأَفعالِ العَظيمَةِ، يَكفيكَ أَن تَسلُكَ سُلوكًا خُلُقِيًّا حَسَن، نابِعٌ مِن مَحَبَّتِكَ لي، وَأَن تُؤتي كَلامًا لَطيفًا وَديعًا، يُرَقِّقُ القُلوبَ وَيَسمَح لِلغُفرانِ وَالمـُصالَحَةِ أَن يُتِمَّا دَورَهُما، بِقُوَّةِ النِّعمَة. لَقد رَأى النَّاسُ بِيوحَنَّا كُلَّ كَلِمَةٍ نَطَقَها، فَعَرَفوا صِدقَهُ لا بِمَعلوماتِهِ، بَل بِعَيشِهِ، لِأَنَّهُ أَحَبَّ الحَقَّ وَالتَزَمَهُ حَتَّى المـَوت، دَلَّ عَلَيَّ بِطُرُقٍ مُتَنَوِّعَة، إِلى حَدٍّ صارَ استِشهادَهُ أُسلوبَ إِعلانٍ وَإِخبارٍ عَنِّي أَنا. هَل كُلُّ مَن يَعرِفَكَ يَبني على كَلامِكَ صِدقًا وَثِقَةً، وَهَل يَتَقَرَّبُ مِنِّي أَكثَر فَأَكثَر؟!
تَمَدَّدَت شَهادَةُ يوحَنَّا عَن الرَّبّ يَسوع، مَعَ كُلِّ الَّذينَ سَمِعوا مِن صَميمِ قُلوبِهِم صَوتَهُ الصَّارِخ، فَآمَنوا بِرِسالَتِهِ وَاختَبَروا صِدقَهُ وَغَيرَتَهُ، وَما زادَ عَلَيها مِن قُوَّةٍ وَثَباتٍ هي أَعمال الرَّبّ وَأَقوالِهِ الخَلاصِيَّة، الَّتي أَثمَرَت في حَياةِ هَؤلاءِ التَّائِبين. كَما الَّذينَ أَلَّفوا وَأَسَّسوا اللُّغات فَصارَت عامِلَ تَواصُلٍ وَعُنصُرَ وَحدَةٍ لِشَعبٍ وَأُمَّة، هَكذا أَصبَحَت شَهادَةُ يوحَنَّا بِمَثابَةِ المـَرجَع لِكُلِّ تائِبٍ يُريدُ أَن يَسلُكَ طَريقَ الرَّبّ. يَكفينا أَن نَتَأَمَّلَ بِهذا النَّموذَج المـُقَدَّمِ لَنا، وَمدى الأَثَر الَّذي أَحدَثَهُ في حَياةِ عارِفيهِ وَتَمَدُّدِهِ مَعَ التَّاريخ، لِنَعرِفَ نَحنُ بِدَورِنا كَم بِاستِطاعَتِنا أَن نَكونَ أَحياءَ وَمُثمِرينَ بِفِعلِ النِّعمَةِ الإِلَهِيَّة. لِيَكُن مَقصَدُكَ البَدءَ بِتَقديمِ نَموذَجٍ صالِحٍ لِمُجتَمَعِكَ مَجدًا لله وَلخَيرِ الإِنسان.
رَبّي يَسوع، يَا منَ أَنتَ الحَقُّ في ذاتِكَ، وَإِلَيكَ يَصبو كُلُّ إِنسانٍ تَمَسَّكَ بِالصِّدقِ وَالخَيرِ لِيَبلُغَ إِلَيكَ. يا مَن وَهَبتَ يوحَنَّ المـَعمَدان روحَكَ القُدُّوس، يَومَ كانَ في أَحشاءِ أُمِّهِ، فَعَرَفَكَ وَأَحَبَّكَ وَشَهِدَ لَكَ، فَبَلَغَت شَهادَتَهُ مَسامِعَ الأَقطارِ الأَربَع، شُدَّني إِلَيكَ بِمَحَبَّتِكَ، لِأَجتَذِبَ مَن حَولي بِشَهادَةٍ تَليقُ باسمِكَ القُدُّوس العَذب، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!