موقع Allah Mahabba سبت الأُسبوع الخامِس من الصّوم الكبير
رسالة القدّيس بولس إلى أهل قولسّي 3: 23 – 25. 4: 1 – 7
يا إخوَتِي، مَهْمَا فَعَلْتُم فَٱعْمَلُوهُ مِن صَمِيمِ قُلُوبِكُم، كَمَا لِلرَّبِّ لا لِلنَّاس،
عَالِمِينَ أَنَّكُم سَتَنَالُونَ مِنَ الرَّبِّ جَزاءَ المِيرَاث، فإِنَّكُم تَخدُمُونَ الرَّبَّ المَسِيح؛
لأَنَّ الظَّالِمَ سَيَنَالُ جَزَاءَ ظُلْمِهِ، ولا محَابَاةَ لِلوُجُوه!
أَيُّهَا الأَسْيَاد، قَدِّمُوا لِعَبيدِكُمُ العَدْلَ والمُسَاوَاة، وَٱعْلَمُوا أَنَّ لَكُم أَنْتُم أَيْضًا رَبًّا في السَّمَاء.
وَاظِبُوا عَلى الصَّلاة، وٱسْهَرُوا فيهَا شَاكِرِين.
وصَلُّوا مَعًا مِن أَجْلِنَا أَيْضًا، لِيَفْتَحَ لنَا اللهُ بَابًا لِلكَلِمَة، فَنَنْطِقَ بِسِرِّ المَسِيح، الَّذي مِن أَجْلِهِ صِرْتُ أَنَا أَسِيرًا،
لِكَي أُعْلِنَهُ كَمَا يَجِبُ علَيَّ أَنْ أَنْطِقَ بِهِ.
أُسْلُكُوا بِحِكْمَةٍ أَمَامَ الَّذِينَ هُم في خَارِجِ الجَمَاعَة، مُفْتَدِينَ الوَقت.
لِيَكُنْ كلامُكُم مَقرُونًا بِالنِّعمَةِ على الدَّوَام، مُطَيَّبًا بِالمِلْح، لِكَي تَعْلَمُوا كيفَ يَنبَغي أَنْ تُجِيبُوا كُلَّ إِنْسَان.
سَيُطْلِعُكُم على جَمِيعِ أَحوَالي طِيخِيكُسُ الأَخُ الحَبِيب، والخَادمُ الأَمِين، ورَفيقُنَا الحَبيبُ في الخِدْمَة،
إنجيل القدّيس مرقس 7: 31 – 37
خَرَجَ يَسُوعُ أَيْضًا مِنْ نَوَاحِي صُورَ ومَرَّ بِصَيْدَا، وأَتَى إِلى بَحْرِ الجَلِيلِ عَابِرًا في وَسَطِ المُدُنِ العَشْر.
وحَمَلُوا إِلَيْهِ أَصَمَّ أَخْرَسَ وتَوَسَّلُوا إِلَيْهِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْه.
فأَخَذَهُ عَلَى ٱنْفِرَادٍ بَعِيدًا عَنِ الجَمْع، ووَضَعَ إِصْبَعَيهِ في أُذُنَيْه، وتَفَلَ ولَمَسَ لِسَانَهُ.
ورَفَعَ نَظَرَهُ إِلى السَّمَاء، وتَنَهَّدَ، وقَالَ لهُ: «إفَّتَحْ، أَيْ إِنْفَتِحْ!».
وفي الحَالِ ٱنْفَتَحَتْ أُذُنَاه، وٱنْحَلَّتْ عُقْدَةُ لِسَانِهِ، وأَخَذَ يَتَكَلَّمُ بِطَريقَةٍ سَلِيمَة.
وأَوْصَاهُم يَسُوعُ أَلاَّ يُخْبِرُوا أَحدًا بِذلِكَ. ولكِنْ بِقَدَرِ مَا كانَ يُوصِيهِم، كَانُوا هُم يُذِيعُونَ الخبَرَ أَكْثَرَ فَأَكْثَر.
وَبُهِتُوا جِدًّا وقَالُوا: «لَقَدْ أَحْسَنَ في كُلِّ ما صَنَع! فَإِنَّهُ يَجْعَلُ الصُّمَّ يَسْمَعُون، والخُرْسَ يَتَكَلَّمُون!».
التأمّل
”قال لَهُ: “إِفتَح، أَي انفَتِح!“
مِن عَلاماتِ الخَوفِ النَّفسيّ الَّذي يَعرِفُهُ الإِنسان، التَّكَتُّم بِطابِعِ الكَبت، إِلى دَرَجَةٍ لا يَعُد يَستَطيعُ فيها البَوح عَمَّا يَختَلِج في قَلبِهِ مِن أَفكارٍ وَمَشاعِر، فَيَدخُلَ في حالَةِ اضطِرابٍ مُروِعَةٍ إِلى حَدٍّ يَنسى مَعَها الأَسباب الرَّئيسيَّة الَّتي أَوصَلَتهُ إِلى هَذِهِ النِّقطَة. يُعَرِّفُنا الإِنجيل عَلى وَجهِ يَسوع المـُحَرِّر وَالشَّافي، إِذ يُصبِح لَنا هوَ الوَسيط لَيسَ فَقَط مَعَ اللهِ الآب، لا بَل هوَ الَّذي يَربُطُنا بِأَنفُسِنا، وَبِالآخَرين، فَهوَ يَدعونا إِلى الإِنفِتاح، وَمِن عَلاماتِ شِفائِهِ لَنا، أَنَّنا نَتَمَكَّن مِنَ الكَلامِ عَمَّا كُنَّا نَخجَلُ بِهِ بِحُرّيَّةٍ وَانشِراحٍ، غَيرَ آبِهينَ وَلا مُكتَرِثينَ لما يَقولَهُ النَّاسُ فينا. مِن خِلالِ مُعجِزَةِ شِفاءِ الأَصَمّ وَالأَبكَم، يُعَلِّمُنا يَسوعُ الكَلِمَة كَيفَ بِإِصغائِنا لَهُ يَتَحَرَّرُ لِسانُنا لِيَنطِقَ بِما يَسمَع مِن حَقٍّ وَصَلاح، وهذا الإِصغاءُ لا يَتَحَقَّق مِن دونِ نِعمَةٍ مِنهُ، إِذ يُصبِح هوَ بشَخصِه كُلّ مَن نَسمَع لَهُ بِكِيانِنا، لا على مُستَوى سَماع الأُذُن. هَكَذا إِذاً يُصبِحُ كُلُّ كَبتٍ وَتَكَتُّمٍ هوَ شَكلٌ مِن أَشكالٍ المـَوتِ يَسجُنُ النَّفسَ بِمَخاوِفِها القاهِرَة.
يَا بُنَيَّ، لا تَدَع مَشاكِلَ العالَمِ مِن حَولِكَ تُربِكُكَ، وَلا تَسمَح لَها أَن تَعزِلَكَ بِوَحدَةٍ قاسِيَةٍ، تَبقى فيها بِدَوَّامَةِ الأَفكارِ السَّوداوِيَّة، وَإِن سُئِلتَ عَمَّا يَختَلِجُ في قَلبِكَ وَعَقلِكَ، تَبقى أَسيرَ حُزنِكَ وَتَكَتُّمِكَ خَوفاً مِن حُكمِ الآخَرينَ أَو مِن بَوحِهِم أَسرارَكَ. لا تَكُن مِمَّن لا يُريدونَ أَن يُبصِروا، وَلا مِمَّن لا يَرغَبونَ أَن يَسمَعوا، وَلا مِمَّن يُصَمِّمونَ أَلَّا يَنطِقوا بِكَلِمَة. لَقَد خَلَقتُكَ لِتَكونَ حَيّاً، تَرى لِتَشعُرَ وَتُفَكِّر وَتُقَرِّر وَتَختار، وَتَسمَع لِتُمَيِّز، وَتَتَكَلَّم بِفِطنَةٍ وَحِكمَةٍ وَرَزانَة. إِنَّ الهُروبَ مِن مُواجَهَةِ الحَياةِ عَن طَريقِ الإِنعِزالِ وَالإِنغِلاق، لا يُؤتيِ حَياةً، بَل هوَ مِن عَلاماتِ المـَوتِ، لِذَلِكَ لِكَي تَعيشَ على مُستَوىً آخَر، أَنتَ مَدعُوٌّ لِتُقَدِّسَ حَواسَّكَ لا أَن تُعَطِّلَها، مَدعُوٌّ بادِئَ الأَمرِ لِتُطَهِّرَها وَتُنَقِّيَها مِن خِلالِ الصَّلاةِ وَالتَّأَمُّلِ بِكَلِمَتي وَبِشَخصي، لِكَي تَعرِفَ حُرِّيَّةَ أَبناءِ اللهِ، فَتَعيشَ وَفقاً لَها، لا وَفقَ روحِ العالَمِ الخَدَّاعَة. لَقَد وَضَعتُ كَلِمَتي في صَميمِ قَلبِكَ، احفَظها جَيِّدًا، وَبَعدَها افتَح فَمَكَ وَانطِق بِما يُمليهِ عَلَيكَ روحي القُدُّوس الَّذي بِهِ وَمَعَهُ تَستَطيعُ أَن تَكونَ أَنتَ أَنتَ الَّذي أَرَدتُكَ مُنذُ البَدءِ أَن تَكونَهُ، إِنسانًا حَيّاً بِالإِيمانِ وَالمـَحَبَّة.
يَتَمَيَّزُ الإِنجيليّ مَرقُس في سَردِهِ لِمُعجِزاتِ الرَّبّ يَسوع بِثَلاثَةِ أُمورٍ هِيَ التَّالِيَه: انتِباه يَسوع للنَّقص وَالحاجَة للشِّفاء وَقَبولِهِ بِإِجراءِ المـُعجِزَة. إِحداثِ المـُعجِزَة مَعَ التَّشديدِ عَلى التَّكَتُّمِ عَلَيها. إِعجاب وَاندِهاش الجُموع بِما صَنَعَهُ الرَّبّ. تَبقى الرِّسالَةُ الواضِحَة أَنَّ الرَّبَّ لَم يَبحَث عَن الشُّهرَة، بَل أَرادَ الخَلاصَ للإِنسان، وَهذا ما يَدفَعُنا لِأَن نَنتَبِهَ على ما يَحدُث في حَياتِنا الشَّخصِيَّة، فَكَم مِنَ الأُمورِ الَّتي يُحدِثُها الرَّبّ إن بِشَكلٍ طَبيعيّ أَو بِشَكلٍ خارِقٍ، وَيَبقى هوَ مُتَوارِياً، وَإِن علِمنا في صَميمِ قُلوبِنا عِلمَ اليَقينِ أَنَّهُ هوَ، عَلَينا أَن نَتَجاوَبَ مَعَ نِدائِه لا أَن نَكونَ صُمًّا وَبُكماً، وَلَكِن أَن يَكونَ لَدَينا مِنَ التَّواضُعِ ما يَجعَلُنا شُهودًا بِأَعمالِنا. كُن مِمَّن يَسمَعونَ كَلِمَةَ الرَّبّ وَيَنطِقونَ بِها أَعمالًا.
رَبّي يَسوع، تَعالَ وَافتَح قَلبي عَلى أَنوارِكَ، لِكَي لا تَسودُ الظُّلمَةُ عَلَيهِ أَبَداً. تعالَ وَأَسمِعني صَوتَكَ العَذبَ لِئَلَّا أَبقى في ضَجيجِ العالَمِ التَّافِهِ. تَعالَ وَضَع كَلِمَتَكَ في مُحِرِّكِ فِكري وَعَقلي، حَتَّى مَتى نَطَقتُ، قُلتُ الحَقَّ، وَمَتى نَهَضتُ لِلعَمَلِ تَوَجَّهتُ لِصُنعِ كُلّ ما يَؤولُ إِلى تَمجيدِ اسمِكَ القُدُّوسِ وَالصَّالِح. تَعالَ وَافتَح لي بابَ مَلَكوتِكَ، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة سبت الأُسبوع الخامِس من الصّوم الكبير”قال لَهُ: “إِفتَح، أَي انفَتِح!” لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!