موقع Allah Mahabba سبت الأُسبوع الثّاني من الصّوم الكبير
الرسالة إلى العبرانيّين 12: 28 – 29. 13: 1 – 9
يا إخوَتِي، بِمَا أَنَّنَا حَصَلْنَا على مَلَكُوتٍ لا يَتَزَعزَع، فَلْنَتَمَسَّكْ بِهذِهِ النِّعْمَة، وَلْنَعْبُدْ بِهَا اللهَ عِبَادَةً مَرْضِيَّة، بتَقْوًى وخُشُوع.
فَإِنَّ إِلهَنَا نَارٌ آكِلَة!
فَلْتَثْبُتْ فيكُمُ المَحَبَّةُ الأَخَوِيَّة.
ولا تَنْسَوا ضِيَافَةَ الغُرَبَاء، فإِنَّ بِهَا أُنَاسًا أَضَافُوا المَلائِكَةَ وهُم لا يَدْرُون.
أُذْكُرُوا الأَسْرى كأَنَّكُم مَعَهُم مأْسُورُون، والْمُضَايَقِينَ كَأَنَّكُم أَنْتُم في جَسَدِكُم مُضَايَقُون.
لِيَكُنِ الزَّواجُ مُكَرَّمًا عِندَ الجَمِيع، والفِرَاشُ الزَّوجِيُّ نَقِيًّا، لأَنَّ اللهَ سَيَدِينُ الفُجَّارَ والزُّنَاة.
لِيَكُنْ تَصَرُّفُكُم مُنَزَّهًا عَنْ حُبِّ المَال، وٱكْتَفُوا بِمَا عِنْدَكُم، لأَنَّ اللهَ نَفْسَهُ قَال: «لَنْ أُهْمِلَكَ، لَنْ أَتْرُكَكَ!».
فَنَقُولُ واثِقِين: «أَلرَّبُّ عَونٌ لِي، لَنْ أَخَاف: مَاذا يَصْنَعُ بِيَ البَشَر؟».
تَذَكَّرُوا مُدَبِّرِيكُمُ الَّذِينَ خَاطَبُوكُم بِكَلِمَةِ الله، وتأَمَّلُوا بِمَا ٱنْتَهَتْ إِلَيهِ سِيرَتُهُم، وٱقْتَدُوا بإِيْمَانِهِم.
إِنَّ يَسُوعَ المَسِيحَ هُوَ هُوَ أَمْسِ واليَومَ وإِلى الأَبَد.
لا تَنْقَادُوا لِتَعَالِيمَ مُتَنَوِّعَةٍ وغَرِيبَة، لأَنَّهُ حَسَنٌ أَنْ يُسْنَدَ القَلْبُ بِالنِّعْمَة، لا بِالأَطْعِمَةِ الَّتي لا تَنْفَعُ الَّذِينَ يُرَاعُونَ أَحْكَامَهَا.
إنجيل القدّيس مرقس 11: 19 – 25
لَمَّا حَلَّ المَسَاء، خَرَجَ يَسُوعُ وتَلامِيذُه مِنَ المَدِينَة.
وفي الصَّبَاح، بَيْنَمَا هُم عَابِرُون، رَأَوا التِّيْنَةَ يَابِسَةً مِنْ جُذُورِهَا.
فتَذَكَّرَ بُطْرُسُ وقَالَ لَهُ: «رَابِّي، أُنْظُرْ، إِنَّ التِّيْنَةَ الَّتي لَعَنْتَهَا قَدْ يَبِسَتْ!».
فأَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُم: «آمِنُوا بِٱلله!
أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: مَنْ قَالَ لِهذا الجَبَل: إِنْقَلِعْ وَٱهْبِطْ في البَحْر، وهُوَ لا يَشُكُّ في قَلْبِهِ، بَلْ يُؤْمِنُ أَنَّ ما قَالَهُ سَيَكُون، يَكُونُ لهُ ذلِكَ.
لِهذَا أَقُولُ لَكُم: كُلُّ مَا تَسْأَلُونَهُ في الصَّلاة، آمِنُوا أَنَّكُم نِلْتُمُوهُ، فَيَكُونَ لَكُم.
وإِذَا قُمْتُم لِلصَّلاة، وكَانَ لَكُم عَلى أَحَدٍ شَيء، فَٱغْفِرُوا لَهُ لِكَي يَغْفِرَ لَكُم أَيْضًا أَبُوكُمُ الَّذي في السَّمَاواتِ زَلاَّتِكُم».
التأمّل
”كُلّ ما تَسأَلونَهُ في الصَّلاةِ، آمِنوا أَنَّكُم نِلتُموهُ، فَيَكونُ لَكُم“
نَجِدُ وَنُلاحِظُ أَنَّ الصَّلاةَ في كُلِّ الأَديانِ، هيَ مِن أَهَمّ الرَّكائِز الَّتي يَقومُ عَلَيها الدَّين، وَالَّتي مِن خِلالِها تُتَرجَمُ المـُعتَقَداتُ وَالإِيمانُ في طُقوسٍ وَرُموزٍ مُتَعَدِّدَة، وَفيها جَميعاً الغايَةُ مِنها التِماسُ الإِلَه، إِن كانَ مَعلوماً أَم كانَ مَجهولاً، شَخصاً حَيّاً، أَم صَنَماً أَو فِكرَةً. إِذا سَأَلنا أَنفُسَنا، وَعُدنا للبَحثِ في الكُتُبِ الرُّوحِيَّة لِماذا إِلى هذا الحَدّ الصَّلاةُ مُهِمَّةً لِتَأخُذَ هَذِهِ المـَكانَة، نَكتَشِفُ مَعَها أَنَّها الجانِب الأَوسَع في المـَدى الرُّوحيّ الَّذي تُصَوّبُ عَلَيهِ حاجَتَنا الرُّوحِيَّة كَبَشَر، وَهَكذا نَتَأَكَّد مِن أَنَّنا لَسنا فَقَط مادّييّن وَتُرابِيّين، هُناكَ بُعدٌ آخَر، نَحمِلُهُ في جَوهَرِ طَبيعَتِنا. تَقومُ الصَّلاة في الإِيمانِ المـَسيحيّ، قَبلَ كُلّ أَبعادِ الطُّقوسِ الجَماعِيَّة، عَلى كَثافَة حُضور الله كَشَخصٍ حَيّ، كَأَبٍ وَابنٍ وَروحِ قُدُس، يَستَطيعُ المـُؤمِن أَن يَعرِفَ الإِلَه الواحِد، الثَّالوثُ وَالوَحدَة، في خِبرَةِ الصَّلاةِ الحَقَّة، مِمَّا يَجعَلُها مَكاناً يَعني اللِّقاء بَينَ اللهِ وَالإِنسان، تَحتَ مِعطَفِ العَلاقَةِ الشَّخصِيَّة وَالحَميمَة. يَبقى يَسوع هُوَ نَموذَجُ الصَّلاةِ الحَقَّة وَالوَسيط فيها.
يَا بُنَيَّ، مَن يَطلُبُ شَيئًا يَبحَثُ عَنهُ حَيثُ باستِطاعَتِهِ أَن يَجِدَهُ لِتَوَفُّرَهُ. إِذا أَرَدتَ خُبزاً تَمضي إِلى الفُرنِ، لِتَشتَريهِ، أَو مَنتوجاً يَخصُّ الطَّعامَ تَمضي إِلى المـَتجَرِ المـُخصَّص لِتِلكَ المـَأكولات، أَمَّا إِذا أَرَدتَ أَن تَلتَقي بِي، بَعدَ أَن تَكونَ قَد أَصغَيتَ جَيِّدًا لِرَغبَةِ قَلبِكَ والمـُكَوَّنَة بِجِزءٍ كَبيرٍ مِنها مِن حاجتِكَ الرُّوحِيَّة، ما عَلَيكَ، سِوى أَن تَؤمَّ مَخَدَكَ وَتُصَلِّي. قَد تَقولُ لي كيف بي أَن أُصَلّي، إِذا لَم أَتَعَلَّمها؟ الصَّلاةُ هيَ ذاتُ بُعدان: بُعدٌ يَتَّصِلُ بصورَتي فيكَ، أَي بِسكنى الرُّوح القُدُسِ الَّذي يُصَلّي فيكَ بِأَنَّاةٍ لا تُوصَف، وَبُعدٌ آخَر تَتَعَلَّمهُ مِنّي عَن طَريقِ عَودَتِكَ إِلى مِثالي في الإِنجيل وَمِن خِلالِ فَمِ الكَنيسَة وَتَقاليدِها الحَميدَةِ وَالصَّالِحَة. هذان البُعدانِ يَسيرانِ مَعاً، وَتبدَأُ المـَسيرَة على مُستَوى الفِطرَة، كَما في بِداياتِكَ تَعَلَّمتَ الوقوفَ لِتَمشي على قَدَمَيكَ، وَبَعدَها بِقَدَرِ ما تُصغي لِروحيّ القُدُّوسِ السَّاكِنِ فيكَ، سَتَلمُسُ اضطِرامَ رَغبَةَ قَلبِكَ وَحاجَتَكَ الماسَّة لِتَكونَ حاضِراً لي في الصَّلاة. يَبقى المـُحَرِّكُ الأَوَّل للصَّلاة الإِيمان المـُنبَثِقِ مِنَ المـَحَبَّةِ وَالَّذي هُوَ بِمَثابَةِ الشّعلة الَّتي يُضيئُها روحي فيكَ، فَأَبقِها مُضاءَة، فَتَشهَدَ لاستِجابَتي الدَّائِمَةِ لَكَ.
أَمامَ مَشهدِ التِّينَةِ اليابِسَة، يُريدُ الرَّبُّ أَن نَتَوَقَّف لا عِندَ البُعدِ الخارِجيّ وَحَسب، بَل مِن خِلالِهِ نَمضي إِلى بُعد قُوَّة الصَّلاةِ المـُستَجابَة، متَى كانَت مُنبَثِقَةً مِن فِعلِ إِيمانٍ حَيّ، وَهذا ما شَدَّدَ عَلَيهِ بِرَمزِيَّةِ نَقلِ الجَبَلِ إِلى البَحر. يَعني الرَّبَّ يَسوع بِالإِيمان، لَيسَ فَقَط اليَقينَ وَالثِّقَة الثَّابِتَة باستِجابَةِ الآبِ السَّماويّ، بَل مَعرِفَة سَبَب هَذِهِ الإِستِجابَة، وَهوَ أَنَّهُ المـَحَبَّة وَالثِّقَةَ الثَّابِتَةَ فيهِ، الَّتي تُبعِدُ مِن قَلبِ الإِنسان كُلَّ إِرتِيابٍ، تُصبِحُ الإِيمانَ الفاعِل بِالمـَحَبَّة. مِن هُنا نَفهَم أَنَّهُ في كُلِّ مَرَّةٍ يَدعونا لِنُصَّلي بِإِيمان، هوَ يَسأَلُنا في الوَقتِ عَينِه إِن كُنّا حَقّاً مُؤمِنينَ بِأُبُوَّةِ اللهِ الآب وَبِواسَطاتِهِ وَأَنَّهُ لَن يَغفَلَ أَبدًا عَن طِلباتِنا وَتَضَرُّعاتِنا وَتَوَسُّلاتِنا. لا تُضَيِّع وَقتَكَ سُدىً، بَل كَرِّس جِزءًا مِنهُ للصَّلاةِ الشَّخصيَّة.
رَبّي يَسوع، يا أَيقونَةَ حَياتي، وَمَدرَسَة إِنسانِيَّتي، وَقُبلَةَ تَطَلُّعاتي وَأَحلامي الأَبَدِيَّة، أَنتَ المـُعَلِّمُ الصَّالِح، الَّذي لا تُريدُني أَن أَعيشَ على مُستَوى المـَظاهِرِ الخارِجيَّة وأَن أَكونَ مُرائِيًّا، بَل على العَكسِ من هذا تَماماً، تُريدُني أَن أَعيشَ الصَّلاةَ كَما أَنتَ عَلَّمتَها بِفِعلِ مَحَبَّةٍ، وَكَعَلاقَةٍ حَيَّةٍ تَضُمُّني إِلى صَدرِكَ، فَتُصغي لي وَأُصغي لَكَ بِالحُبّ، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة سبت الأُسبوع الثّاني من الصّوم الكبير”كُلّ ما تَسأَلونَهُ في الصَّلاةِ، آمِنوا أَنَّكُم نِلتُموهُ، فَيَكونُ لَكُم“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!