تابعونا على صفحاتنا

مقالات

أنا خبز الحياة

أنا خبز الحياة

موقع Allah Mahabba – أنا خبز الحياة

طوباكَ، يا مَن أنتَ الزارِعُ، وسَنابِل الحَصاد المُتَذَهِّبَةُ بِغًمرِكَ الذي كَمِثلِ شَغَفِ الريح!

وطوبايَ أنا الجائِعُ الى مَلءٍ يَكونُ مِنكَ وَحدَكَ، يا مَوسِمَ المواسِمِ!

كَم مَرَّةٍ ذُقتُ مَرارَةَ الخَطيئَةِ، وكانَ ليَ المَوت فِعلاً، مِنِّي إليَّ. وكَم مَرَّةٍ أدرَكتُ أنَّ ما في الخَطيئةِ أقوى مِن إغراء مَلَذَّاتٍ، تِلكَ الخَيبَةُ التي بِها أعلَمُ أنَّني بادَلتُ حُبَّك بالشَرِّ، وقد إصطَنَعتَهُ قوَّتي، ونَصَبتُ  لَهُ إلفَةَ إقامَتِهِ فيَّ.

وأنتَ، في ما أنتَ، تَنتَظِرُني، فاتِحاً يَديَكَ لِتَنتَشِلَني مِن جَحيمِ الشَقاءِ الذي وَسَمتُ بِهِ نَفسي، كأنَّما العَداوةُ بَيني وَبَينَ نَفسي حاكِمٌة الى إنقِضاءِ الدُهورِ: هويَّتي مُتَناحِرَةٌ مَع ذاتي، تُشبِهُني فِأكرَهُها كَما أكرَهُ نَفسي.

وأنا، في ما أنا، كامِنٌ لِنَفسي بِذِئَبيَّة ذاتي. في تَفَجُّعِ القُنوطِ أسُودُ، ويَسودُ بيَ ومَعي هَولُ ما إقتَرَفَتهُ إرادَتي، فأنكُرُها.

أمَعقولٌ أنا مِن دوني؟ أمَعقولٌ أنا مِن دونِكَ؟

فَوق، في الأُفُقِ البَعيدِ، أراكَ، فأصمُتُ، كَما الدَمعِ. آهٍ، لِحَقيقةِ قُربِكَ! ها إنَّني أُدرِكُها، دَمعاً يَهتَدي الى مُقلَةٍ عَين تُحييهِ مِنَ التَشتُّتِ، ِمنَ التَغَرُّبِ. وأرتَمي. أمامَكَ أرتَمي، إذ لَم يَبقَ لي إزاءَكَ أحَدٌ.

أنا العبورُ، وأنتَ البُلوغُ. لا تَخذُل عَودَتي، التي بِها أغلِبُ خُذلاني لَكَ.

لَكَ جوعي، الذي ما بَقِيَ لَهُ، في الفَقرِ والفَراغِ والوِحدَةِ، خُبزاً يَجوعُ إليهِ.

أَأَنتَ تُجالِسُني، غاسِلاً آثامي التي بِها رَفَعتُكَ على عُودِ عارٍ؟

فَيَا أيُّها الذي مَسَحَني بالثَباتِ، إرفَعني مَذبوحاً عَن الساقِطينَ مِثلي في العَدَمِ المَنظورِ واللامَنظورِ، لأُصالِحَهُم مَعَكَ، بِجِراحيَ المُثخَنَةِ مِن دَميَ المِهراقِ.

وَيَا مَن يُشبِعُني جَسَدُهُ خُبزاً أبَدِيَّاً، أحمِلني قُرباناً، بِهِ أستَبقي عَلى مائِدَتِكَ خَليقَتَكَ التائِقَةَ الى أن تولَدَ مِن السَماءِ وإليَها، فَلا يَطويها مَوتٌ. يا خُبزَ الحَياةِ، أقِمني، بَينَ جُلجُلَةِ البَشَريَّةِ وقَبرَها، فَرَحاً بِهِ اتَّكِىءُ عَلى صَدرِكَ، صارِخاً: هذا جَسَدي، مَقدِسُ العالَمِ، بالشَوقِ ليَتَناوَلُني جائِعو الأرضِ، فَمِنهُ تُؤتَى لَهُمُ، بِكَ، الحَياةُ!       

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/allahmahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا وقراءة ” أنا خبز الحياة “. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضىء بوجهه عليك ويرحمك وليمنحكم السّلام!

ناجي قزيلي - Naji Kozaily

د. ناجي قزيلي

استاذ جامعي
خبير في شؤون الكرسي الرسولي