موقع Allah Mahabba أربعاء الأسبوع الثالث بعد الدّنح
رسالة القدّيس بولس الثانية إلى أهل قورنتس 6: 1 – 13
وَبِمَا أَنَّنا مُعَاوِنُونَ لله، نُنَاشِدُكُم أَلاَّ يَكُونَ قَبُولُكُم لِنِعْمَةِ ٱللهِ بِغَيْرِ فَائِدَة؛
لأَنَّهُ يَقُول: «في وَقْتِ الرِّضَى ٱسْتَجَبْتُكَ، وفي يَوْمِ الخَلاصِ أَعَنْتُكَ». فَهَا هُوَ الآنَ وَقْتُ الرِّضَى، وهَا هُوَ الآنَ يَوْمُ ٱلخَلاص.
فإِنَّنَا لا نَجْعَلُ لأَحَدٍ سَبَبَ زَلَّة، لِئَلاَّ يَلْحَقَ خِدْمَتَنَا أَيُّ لَوْم.
بَلْ نُظْهِرُ أَنْفُسَنَا في كُلِّ شَيءٍ أَنَّنَا خُدَّامُ ٱلله، بِثَبَاتِنا العَظِيمِ في الضِّيقَاتِ والشَّدَائِدِ والمَشَقَّات،
في الضَّرَبَات، والسُّجُون، والفِتَن، والتَّعَب، والسَّهَر، والصَّوْم،
وبِالنَّزَاهَة، والمَعْرِفَة، والأَنَاة، واللُّطْف، والرُّوحِ القُدُس، والمَحَبَّةِ بِلا رِيَاء،
في كَلِمَةِ الحَقّ، وقُوَّةِ ٱلله، بِسِلاحِ البِرِّ في اليَدَيْنِ اليُمْنَى واليُسْرَى،
في المَجْدِ والهَوَان، بالصِّيتِ الرَّدِيءِ والصِّيتِ الحَسَن. نُحْسَبُ كَأَنَّنَا مُضِلُّونَ ونَحْنُ صَادِقُون!
كأَنَّنَا مَجْهُولُونَ ونَحْنُ مَعْرُوفُون! كأَنَّنَا مَائِتُونَ وهَا نَحْنُ أَحْيَاء! كأَنَّنَا مُعَاقَبُونَ ونَحْنُ لا نَمُوت؛
كَأَنَّنَا مَحْزُونُونَ ونَحْنُ دَائِمًا فَرِحُون! كأَنَّنَا فُقَرَاءُ ونَحْنُ نُغْنِي الكَثِيرِين! كأَنَّنَا لا شَيءَ عِنْدَنَا، ونَحْنُ نَمْلِكُ كُلَّ شَيء!
لَقَدْ كَلَّمْنَاكُم بِصَرَاحَة، يَا أَهْلَ قُورِنْتُس، ووَسَّعْنَا لَكُم قُلُوبَنَا!
لَسْتُم مُتَضَايِقِينَ بَسَبَبِنَا، بَلْ أَنْتُم مُتَضَايِقُونَ في دَاخِلِكُم!
وأَنَا أُكَلِّمُكُم كَأَوْلادِي، فَعَامِلُونِي بِمِثْلِ مَا أُعَامِلُكُم، ووَسِّعُوا لي أَنْتُم أَيْضًا قُلُوبَكُم!
إنجيل القدّيس يوحنّا 9: 13 – 25
فَجَاؤُوا بِٱلَّذي كَانَ أَعْمَى إِلى الفَرِّيسِيِّين.
وكَانَ اليَوْمُ الَّذي صَنَعَ فِيهِ يَسُوعُ الطِّين، وفَتَحَ عَيْنَي الأَعْمَى، يَوْمَ سَبْت.
وعَادَ الفَرِّيسِيُّونَ يَسْأَلُونَهُ كَيْفَ أَبْصَر، فَقَالَ لَهُم: «وَضَعَ طِينًا على عَيْنَيَّ، وٱغْتَسَلْتُ، وهَا أَنَا أُبْصِر».
فَقَالَ بَعْضُ الفَرِّيسِيِّين: «لَيْسَ هذَا الرَّجُلُ مِنْ عِنْدِ الله، لأَنَّهُ لا يَحْفَظُ السَّبْت». وقَالَ آخَرُون: «كَيْفَ يَقْدِرُ إِنْسَانٌ خَاطِئٌ أَنْ يَصْنَعَ مِثْلَ هذِهِ الآيَات؟». وكَانَ بَيْنَهُم شِقَاق.
فَقَالُوا أَيْضًا لِلأَعْمَى: «وأَنْتَ، مَاذَا تَقُولُ فِيهِ وقَدْ فَتَحَ عَيْنَيْك؟». قَال: «إِنَّهُ نَبِيّ».
ومَا صَدَّقَ اليَهُودُ أَنَّهُ كَانَ أَعْمَى ثُمَّ أَبْصَر، فَٱسْتَدْعَوا وَالِدَيْه،
وسَأَلُوهُمَا قَائِلين: «أَهذَا هُوَ ٱبْنُكُمَا الَّذي تَقُولانِ عَنْهُ إِنَّهُ وُلِدَ أَعْمَى؟ فَكَيْفَ يُبْصِرُ الآن؟».
فَأَجَابَ وَالِدَاهُ وقَالا: «نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ هذَا هُوَ ٱبْنُنَا، وأَنَّهُ وُلِدَ أَعْمَى.
أَمَّا كَيْفَ يُبْصِرُ الآنَ فَلا نَعْلَم، أَوْ مَنْ فَتَحَ عَيْنَيْهِ فَلا نَعْلَم. إِسْأَلُوه، وهُوَ يُجِيبُ عَنْ نَفْسِهِ، لأَنَّهُ بَلَغَ سِنَّ الرُّشْد».
قَالَ وَالِدَاهُ هذَا خَوْفًا مِنَ اليَهُود، لأَنَّ اليَهُودَ كَانُوا قَدِ ٱتَّفَقُوا عَلى أَنْ يَفْصِلُوا عَنِ المَجْمَعِ كُلَّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِأَنَّ يَسُوعَ هُوَ المَسِيح.
لِذلِكَ قَالَ وَالِدَاه: «إِنَّهُ بَلَغَ سِنَّ الرُّشْد، فَٱسْأَلُوه».
فَٱسْتَدْعَى الفَرِّيسِيُّونَ ثَانِيَةً ذَاكَ الَّذي كَانَ أَعْمَى وقَالُوا لَهُ: «مَجِّدِ ٱلله! نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ هذَا الإِنْسَانَ خَاطِئ».
فَأَجَاب: «لا أَعْلَمُ إِنْ كَانَ خَاطِئًا. أَعْلَمُ شَيْئًا وَاحِدًا، وهُوَ أَنِّي كُنْتُ أَعْمَى، وهَا أَنَا الآنَ أُبْصِر».
لتأمّل
”إِنِّي كُنتُ أَعمى، وَها أَنا الآنَ أُبصِر“
كُثُرٌ هُمُ الَّذينَ وَصَّفوا الإِنسانَ عَلى أَنَّهُ “سِرٌّ”. خِبرَتُنا مَعَ أَنُفسِنا تَكشِفُ لَنا أَنَّنا ما زِلنا نَحنُ أَنفُسَنا وَلَكِن هُناكَ دائِمًا شَيءٌ جَديدٌ يَحدُثُ لا عَلى مُستَوى النُّمُوّ الطَّبيعيّ وَحَسب بَل على مُستوى التَّغَيُّر الدَّاخِلي الَّذي يَطرَأُ إِمَّا لأَسبابٍ خارِجِيَّة أَو لِأُخرى داخِلِيَّة فَتَتَغَيَّرُ النَّظرَةُ وَمَعَها المـَوقِف. مُهِمٌّ جِدًّا لَنا إِن لِنُمُوِّنا الشَّخصيّ أَو لِمُساعَدَةِ الآخَرين، أَن نُدرِكَ وَنَعرِفَ المـَفاصِلَ وَالمـُسَبِّباتِ الَّتي تَضَعُنا أَمامَ ما قَبلُ وَما بَعدُ، لِكَونِها تُساعِدُنا عَلى فَهمِ أَنفُسِنا في عَلاقتِها مَعَ العالَمِ الَّذي نَتَفاعَلُ مَعَهُ. تُثبِتُ لَنا شَهادَةُ الرَّجُلِ الَّذي كانَ أَعمى وَشَفاهُ الرَّبَّ يَسوع أَهَمِّيَّةَ اللِّقاءَ وَالحَدَثَ الَّذي صارَ مِفصَلِيًّا كَالفَجرِ وَالغُروبِ اللَّذَينِ يَفصِلانِ بَينَ اللَّيلِ وَالنَّهار. يَتَكَلَّمُ هذا الرَّجُلِ عَن بُعدَينِ في حَياتِهِ واحِدٌ بِمَثابَةِ الظُّلمَة وَآخَرٌ بِمَثابَةِ النُّور، وهوَ يَقولُ كُنتُ أَعمى أَي في الظُّلمَة، وَها أَنا الآنَ أُبصِر، أَي أَصبَحَ في النُّور. ما زالَ ماضيهِ حاضِرًا إِنَّما عَلى وَقعِ الآيَةِ، صارَ يَنظُرُ إِلَيهِ، وَهَكَذا نَحنُ أَيضًا.
يَا بُنَيَّ، مِن عَلاماتِ المـُصالَحَةُ مَعَ الذَّاتِ عَدَمَ التَّنَكُّرِ لِما فيكَ مِن ظُلمَةٍ وَضُعفٍ وَخَطيئَة، وَلا يُمكِنُكَ البُلوغُ إِلَيها بِقُوَّةِ الإِرادَة وَالإِجتِهاد الشَّخصيّ، إِنَّما تَصِل إِلَيها عَن طَريقِ اللِّقاءِ بي. لا يَستَطيعُ العالَمُ أَن يُساعِدَكَ عَلى أَن تَتَصالَحَ مَعَ ذاتِكَ، وَمَعَ الواقِع لِأَنَّهُ يُريكَ نَفسَكَ مِن مِنظارِ ثَقافَتِهِ وَعاداتِهِ وَمَصلَحَتِهِ، وَهَذِهِ كُلُّها تَتَغَيَّرُ وَتَتَبَدَّلُ وَلَيسَت بِثَابِتَة، لِذَلِكَ وَحدَهُ اللِّقاءَ بي، يُحدِثُ فيكَ تَحَوُّلًا يَكونُ لَكَ بِمَثابَةِ الصَّدمَة المـُعجِزَة، فَيُقَدِّمَكَ لِلعالَمِ عَلى خِلافِ ما أَرادَهُ لَكَ وَما فَهِمتَهُ عَن نَفسِكَ. هُوَّذا الرَّجُلُ الَّذي كانَ أَعمًى، عَرَفَ حالَتَهُ الأُولى وَما تَنَكَّرَ لَها، لا أَمامَ ذاتِهِ خَجِلَ، وَلا أَمامَ مَن نَعَتوهُ بِالأَعمى رَبطًا بِما كانَ عَلَيهِ في الماضي، إِنَّما كانَ حَقيقَةَ ذاتِهِ، فَاعَتَرَفَ أَنَّهُ مِن دوني لَبَقِيَ في الظَّلامِ وَلَكانَت نَظرَتَهُ أَحادِيَّةَ الرُّؤيَة، أَمَّا مَعي أَصبَحَ بِمَوقِعٍ آخَر، يَسمَح لَهُ أَن يَنظُرَ بِشَكلٍ أَكثَرَ تَطابُقٍ مَعَ الحَقّ الَّذي يَسموهُ جِدًّا؛ إِنَّهُ يَنظُرُ مِن خِلالِ رَحمَتي وَمَحَبَّتي إِلى نَفسِهِ مُفتَخِرًا بِما هوَ عَلَيهِ بِكُلِّ تَواضُعٍ. لَم يَزعَم شِفاءَهُ لاستِحقاقٍ مِنهُ بَل جاهَرَ عَلَنًا، أَنَّهُ عَرَفَ خَلاصيّ إِلى حَدٍّ وُصِّفَ أَنَّهُ تِلميذي.
لَقَد احتَدَمَ الجِدالُ حَولَ آيَةِ شِفاء الأَعمى، وَخَرَجَت مِنَ المـَنحى المـَوضوعيّ لِتُصبِحَ ذاتَ مَنحًى شَخصيّ عِندَ الَّذينَ رَفَضوها نِسبَةً لِصانِعِها. أَصبَحَت الآيَة مُفتاحًا لِمَعرِفَةِ هُوِيَّةِ يَسوع، وَجَوابًا عَلى عَمَلِهِ الخَلاصيّ، إِذ يَمنَحُ النُّورَ للأَعمى مُحَقِّقًا الزَّمَنَ المـَسيحانيّ، وداعِيًا الإِنسانَ لِيَكونَ إِبنًا للنُّورِ الأَزَليّ. ما بَينَ القُبولِ وَالرَّفض، وَبَعدَ مُثولِ اليَهودِ أَمامَ قَوسِ مَحكَمَةِ الشَّريعَةِ بِمَوقِفِ المـُدافِعينَ عَنها، كانَت شَهادَةُ الَّذي كانَ أَعمى مُحِقَّةً، إِذ بَيَّنَت صَلاحَ اللهِ وَخَيرِهِ وَنِعمَتِهِ الَّذينَ يَؤولونَ إِلى خَلاصِ الإِنسان. غايَةُ الشَّريعَة مُساعَدَة الإِنسان لِيَعرِفَ الخَلاص، وَهذا ما حَقَّقَهُ الرَّبَّ يَسوع. خُذ مَقصَدًا وَاشهَد أَمامَ مَعارِفِكَ عَلى كُلّ ما يُظهِّرُ نِعمَتَهُ في الحَياة.
رَبّي يَسوع، أَنتَ نورُ عَينَيّ، وَنَبَضاتُ قَلبي. أَنتَ روحي وَحَياتي، لِأَنِّي من دونِكَ لا أَقوَ على شَيءٍ، وَمَعَكَ أَرى الخَلقَ جَميلًا، كَعَطِيَّةٍ مِنكَ توقِظُ في قَلبي مَشاعِرَ الحُبِّ وَالفَرَحِ وَالسَّلام. مَعَكَ يُصبِحُ لي ماضٍ وَحاضِرٍ وَمُستَقبَل لِأَنَّكَ صِرتَ حَياتي، أَمَّا بِدونِكَ لا أَعرِفُ سِوى نَمَطِ الرُّوتينِ وَالعادَة، حَيثُ يُشَلُّ كُلَّ شَيء، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة أربعاء الأسبوع الثالث بعد الدّنح ”إِنِّي كُنتُ أَعمى، وَها أَنا الآنَ أُبصِر“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!