أحد الأسبوع الثالث بعد الدّنح إعتلان سرّ المسيح لنيقوديمس وللشعب اليهوديّ

موقع Allah Mahabba  أحد الأسبوع الثالث بعد الدّنح إعتلان سرّ المسيح لنيقوديمس وللشعب اليهوديّ

رسالة القدّيس بولس إلى أهل غلاطية 3: 23 – 29

يا إِخوَتِي، قَبْلَ أَنْ يَأْتيَ الإِيْمَان، كُنَّا مُحْتَجَزِينَ مَحبُوسِينَ تَحْتَ الشَّرِيعَة، إِلى أَنْ يُعْلَنَ الإِيْمَانُ المُنْتَظَر.

إِذًا فَالشَّرِيعَةُ كَانَتْ لَنَا مُؤَدِّبًا يَقُودُنَا إِلى المَسِيح، لِكَيْ نُبَرَّرَ بِالإِيْمَان.

فَلَمَّا أَتَى الإِيْمَان، لَمْ نَعُدْ تَحْتَ مُؤَدِّب؛

لأَنَّكُم جَمِيعًا أَبْنَاءُ اللهِ بَالإِيْمَان، في المَسِيحِ يَسُوع.

فأَنْتُم جَمِيعَ الَّذِينَ ٱعْتَمَدْتُم في المَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ ٱلمَسِيح.

فلا يَهُودِيٌّ بَعْدُ ولا يُونَانِيّ، لا عَبْدٌ ولا حُرّ، لاَ ذَكَرٌ ولا أُنْثَى، فإِنَّكُم جَمِيعًا وَاحِدٌ في المَسِيحِ يَسُوع.

فَإِنْ كُنْتُم لِلمَسِيح، فأَنْتُم إِذًا نَسْلُ إِبْراهِيم، ووَارِثُونَ بِحَسَبِ الوَعْد.

إنجيل القدّيس يوحنّا 3: 1 – 16

كانَ إِنْسَانٌ مِنَ الفَرِّيسيِّينَ ٱسْمُهُ نِيقُودِيْمُوس، رَئِيسٌ لِليَهُود.

هذَا جَاءَ لَيْلاً إِلى يَسُوعَ وقَالَ لَهُ: «رَابِّي، نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّكَ جِئْتَ مِنَ اللهِ مُعَلِّمًا، لأَنَّهُ لا أَحَدَ يَقْدِرُ أَنْ يَصْنَعَ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَصْنَعُهَا مَا لَمْ يَكُنِ اللهُ مَعَهُ».

أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُ: «أَلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لا أَحَدَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ مَا لَمْ يُولَدْ مِنْ جَدِيد».

قَالَ لَهُ نِيقُودِيْمُوس: «كَيْفَ يَقْدِرُ إِنْسَانٌ أَنْ يُولَدَ وهُوَ كَبِيرٌ في السِّنّ؟ هَلْ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ ثَانِيَةً حَشَا أُمِّهِ، ويُولَد؟».

أَجَابَ يَسُوع: «أَلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ، لا أَحَدَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ مَا لَمْ يُولَدْ مِنَ المَاءِ والرُّوح.

مَولُودُ الجَسَدِ جَسَد، ومَوْلُودُ الرُّوحِ رُوح.

لا تَعْجَبْ إِنْ قُلْتُ لَكَ: عَلَيْكُمْ أَنْ تُولَدُوا مِنْ جَدِيد.

أَلرِّيحُ تَهُبُّ حَيْثُ تَشَاء، وأَنْتَ تَسْمَعُ صَوتَهَا، لكِنَّكَ لا تَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ تَأْتِي ولا إِلى أَيْنَ تَمْضِي: هكَذَا كُلُّ مَوْلُودٍ مِنَ الرُّوح».

أَجَابَ نِيقُودِيْمُوسُ وقَالَ لَهُ: «كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَصِير هذَا؟».

أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُ: «أَنْتَ مُعَلِّمُ إِسْرَائِيلَ وتَجْهَلُ هذَا؟

أَلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: نَحْنُ نَنْطِقُ بِمَا نَعْلَم، ونَشْهَدُ بِمَا رَأَيْنَا، وأَنْتُم لا تَقْبَلُونَ شَهَادَتَنَا.

كَلَّمْتُكُم في شُؤُونِ الأَرْضِ ولا تُؤْمِنُون، فَكَيْفَ تُؤْمِنُونَ إِذَا كَلَّمْتُكُم في شُؤُونِ السَّمَاء؟

مَا مِنْ أَحَدٍ صَعِدَ إِلى السَّمَاء، إِلاَّ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّمَاء، أَي إِبْنُ الإِنْسَان.

وكَمَا رَفَعَ مُوسَى الحَيَّةَ في البَرِّيَّة، كَذلِكَ يَجِبُ أَنْ يُرْفَعَ ٱبْنُ الإِنْسَان،

لِكَي تَكُونَ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ بِهِ حَيَاةٌ أَبَدِيَّة.

هكَذَا أَحَبَّ اللهُ العَالَم، حتَّى إِنَّهُ جَادَ بِٱبنِهِ الوَحِيد، لِكَي لا يَهْلِكَ أَيُّ مُؤْمِنٍ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّة.

لتأمّل

”لا أَحَدَ يَقدِرُ أَن يَدخُلَ مَلَكوتَ اللهِ، ما لَم يولَد مِنَ الماءِ وَالرُّوح“

مِن بَينِ الشَّخصِيَّاتِ المـُمَيَّزَة الَّتي أَتى على ذِكرِها الإِنجيليّ يوحَنَّا، نيقوديمُس المـُعَلِّم في الشَّريعَة وَأَحَدَ أَعضاءَ السّينهَدريم عِندَ اليَهود. هذا الرَّجُلُ الَّذي أَتى إِلى يَسوعَ لَيلاً لِيُعرِبَ عَن رَغبَةِ قَلبِهِ بِمَزيدٍ مِنَ الفَهم، حَيثُ يَبرُزُ فيهِ وَجهَ التَّائِقِ لِمَعرِفَةِ الحَقيقَة، وَالرَّاغِبِ بِالحِكمَةِ وَالشَّاهِدِ على أَنَّ كُلَّ أَعمالِ يَسوع تُشيرُ عَلى أَنَّهُ مِنَ اللهِ، وَإِلَّا لَما كانَت أَثمَرَت خَيرًا وَصَلاحًا وَبَرَكَة. مِثلَ الشَّابّ الغَنيّ، طَلَبَ نيقوديمُس دُخولَ مَلَكوت الله، وَكانَ رَدَّ يَسوعَ عَلَيهِ لَيسَ بِالتَّعجيزيّ، إِنَّما بِكَيفِيَّةِ الدُّخول، فَكانَ عَقلَهُ عاجِرًا عَن الفَهم، وَالتَّبريرُ هُنا لِأَنَّهُ لَم يَكُن قَد أُفيضَ بَعدُ الرُّوحَ القُدُس. أَلقى جَوابُ يَسوع إِشارَةً إِلى سِرِّ الفِداء، بَعضًا منَ الأَنوارِ على رَمزِيَّةِ الماءِ وَالرُّوحِ، تَحتَ عَلامَةِ حَيَّةِ موسى المـَرفوعَةِ وَالَّتي سَتُشرَحُ بِمَعنى الصَّليبِ الشَّافي؛ قَد عَنى بِهِما الوِلادَةَ الجَديدَة لا بِقُوَّةِ التَّوبَةِ وَحَسبُ إِنَّما بِفِعلِ النِّعمَةِ الإِلَهيَّة، وَهذانِ سَيَنصَهِرانِ مَعًا بِيُنبوعِ الماءِ المـُتَدَفِّقِ مِن جَنبِ المـَسيح، وَالكَلِمَة الَّتي لَفَظَها روحًا حَيًّا.

يَا بُنَيَّ، كُلُّ مَكانٍ تُريدُ أَن تَدخُلَهُ عَلَيكَ أَن تَستَأذِنَ أَصحابَهُ، بَعدَ أَن تَكونَ قَد أَعرَبتَ عَن مَحَبَّتِكَ وَاهتِمامِكَ لَهُم. هَكَذا هِيَ الحالُ مَعَ سِرِّ مَلَكوتِ الله، لَيسَ باستِطاعَتكَ أَن تَفتَحَهُ بِالقُوَّةِ، فَهوَ لَيسَ لا مَكانًا وَلا شَيئًا مادِّيًّا باستِطاعَتِكَ أَن تَستَحوِزَ عَلَيهِ، إِنَّما هُوَ مَن يَجعَلُكَ تُدرِكُ وَتَعرِفُ أَنَّكَ مُلكُ اللهِ القُدُّوس. لهذا السَّبَب، أَنتَ تَحتاجُ لِلماءِ لِأَنَّهُ كَما يُطَهِّرُ الجَسَدَ وَيُنَقِّيهِ، هَو بِرَمزِيَّتِهِ يَجعَلُ فِكرَكَ وَقَلبَكَ طاهِرَينَ وَنَقِيَّينِ مِنَ الخَطيئَةِ وَالشَّرّ. هذا الأَمرُ لا يَكفي، فَالبَيتُ المـَكنوسِ وَالنَّظيفِ يَتَوَسَّخُ إِن أُهمِلَ، لِذَلِكَ لا بُدَّ لِهَيكَلِ جَسَدِكَ أَن يَعرِفَ سُكنى وَعَمَلَ الرُّوحِ القُدُسِ فيهِ، وَعِندَئِذٍ تُدرِكُ مَعنى الدُّخولَ إِلى مَلَكوتِ الله. عَجِزَ نيقوديمُس عن الفَهم، ظَنًّا مِنهُ أَنَّ الأَمرَ يَحدُثُ عَلى المـُستَوى الخارِجيّ، وَيَتَّصِلُ بِعُمرٍ مُحَدَّدٍ، فيما المـَوضوعُ هُنا يَعني حَياةَ الرُّوحِ، وَالدَّعوَةُ للصَّغيرِ كَما لِلكَبيرِ، وَلِلجاهِلِ كَما هِيَ لِلحَكيمِ، وَلِلبارِّ كِما هِيَ لِلخاطِئِ. تَستَدعي الولادَةُ الجَديدَةُ نَمَطَ حَياةٍ جَديد، يَقودُ إِلى عَيشِ المـَحَبَّة. الوِلادَةُ بِالجَسَدِ لا خَيارَ وَقَرارَ فيها، إِنَّما الوِلادَةُ الجَديدَة لا تَتِمُّ ما لَم تُخاطَبُ حُرِّيَّةُ الإِنسان.

تُشَكِّلُ الولادَةُ مِنَ الماءِ وَالرُّوحِ بُعدَ العُبور مِن حالَةٍ قَديمَة إِلى حالَةٍ سامِيَةٍ وَجَديدَة، وَهيَ بِمَثابَةِ باب المـَلَكوت المـُلوكيّ. في مَكانٍ آخَر، يَتَكَلَّمُ يَسوعُ عَن نَفسِهِ أَنَّهُ هوَ الباب، بابُ الحَظيرَة، وَهَكَذا لا نَستَطيعُ أَن نَفهَمَ الولادَةَ الجَدَيدَةَ خارِجَ سِرّ المـَسيح، فَبِهِ تَتِمُّ وَتَتَحَقَّق. هَكَذا نَفهَمُ سِرَّ المـَعمودِيَّةِ في الكَنيسَة، إِذ يُشَكِّلُ البابَ إِلى الحَياةِ في المـَسيح، وَدينامِيَّتُهُ تَكمُنُ في المـَوتِ عَن العالَمِ وَالخَطيئَةِ وَالكُفرِ بِالشَّيطان، لِقَبولِ حَياةٍ جَديدَة بِقُوَّةِ قِيامَةِ المـَسيح. يَرمُزُ الماءُ هُنا، إِلى تَعليمِ يَسوع، فَمَن يُريدُ دُخولَ مَلَكوتِ الله، عَلَيهِ أَن يَتَتَلمَذَ لِلمَسيح. يُشيرُ الرُّوحُ هُنا، إِلى حَياةِ النِّعمَة، فَمَن يريدُ أَن يَحيا اللهُ فيهِ، يُسَلِّم إِرادَتَهُ لِروحِ الرَّبّ؛ بِحُرِّيَّتِكَ إِقبَلِ التَّعليمَ وَالرُّوحَ مَعًا.

رَبِّي يَسوع، خُذني مِنِّي لَكَ. لَستُ أَهوى مَلَكوتًا أَنتَ غائِبٌ عَنهُ، وَلا أُريدُ حَياةً لَستَ أَنتَ مَصدَرَها، وَلا أَرغَبُ بِوجودٍ ما لَم تَكُن أَنتَ واضِعَهُ، لِذَلِكَ أَطلُبُ مَلَكوتَكَ لِتَملُكَ أَنتَ عَلَيَّ، وَأُريدُكَ أَن تَكونَ حَياتي لِأَنَّكَ المـَحَبَّة، وَأَسأَلُ سُكناكَ فِيَّ لِأَنَّكَ الحَقُّ وَالرَّحمَة، فَهَبني بِنِعمَتِكَ أَن أُولَدَ فيكَ كُلَّ لَحظَةٍ مِن جديد، آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ

شكراً لزيارة موقعنا وقراءة أحد الأسبوع الثالث بعد الدّنح إعتلان سرّ المسيح لنيقوديمس وللشعب اليهوديّ”لا أَحَدَ يَقدِرُ أَن يَدخُلَ مَلَكوتَ اللهِ، ما لَم يولَد مِنَ الماءِ وَالرُّوح“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!