موقع Allah Mahabba جمعة الأسبوع الثّاني بعد الدّنح
رسالة القدّيس بولس الثانية إلى أهل قورنتس 12: 17 – 21. 13: 1 – 4
يا إخوَتِي، هَلْ طَمِعْتُ فِيكُم، عَلى يَدِ أَحَدٍ مِنَ الَّذِينَ أَرْسَلْتُهُم إِلَيْكُم؟
لَقَدْ طَلَبْتُ إِلى طِيطُسَ أَنْ يَقْدِمَ إِلَيْكُم، وأَرْسَلْتُ مَعَهُ ذلِكَ الأَخ، فهَلْ طَمِعَ طِيطُسُ فيكُم؟ أَمَا سَلَكْنَا بِالرُّوحِ عَيْنِهِ، وعَلى الخُطَى عَيْنِهَا؟
وأَنْتُم طَالَما ظَنَنْتُم أَنَّنا نُدَافِعُ عَنْ أَنْفُسِنا أَمَامَكُم! ولكِنَّنا نَتَكَلَّمُ أَمَامَ ٱللهِ في المَسِيح. وكُلُّ شَيءٍ، أَيُّهَا الأَحِبَّاء، هوَ لِبُنْيَانِكُم.
وإِنِّي أَخْشَى، مَتى قَدِمْتُ إِلَيْكُم، أَنْ أَجِدَكُم عَلى غَيرِ مَا أُريد، وتَجِدُونِي أَنْتُم عَلى غَيرِ مَا تُرِيدُون. وأَخْشَى أَنْ يَكُونَ بَيْنَكُم خِصَام، وحَسَد، وسُخْط، ومُنازَعَات، ونَمِيمَة، وذَمّ، وكِبْرِيَاء، وَفِتَن.
وأَخْشَى، مَتَى عُدْتُ إِلَيْكُم، أَنْ يُذِلَّنِي إِلهِي عِنْدَكُم، فَأَحْزَنَ عَلى كَثِيرِينَ مِنَ الَّذِينَ خَطِئُوا فِيمَا مَضَى، وٱرْتَكَبُوا النَّجَاسَةَ والفُجُورَ والدَّعَارَة، ولَمْ يَتُوبُوا!
هَا أَنا قَادِمٌ إِلَيْكُم لِلمَرَّةِ الثَّالِثَة: «وعَلى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاثَةٍ يُحْكَمُ في كُلِّ قَضِيَّة».
قُلْتُ مِنْ قَبْلُ، وأَنا حَاضِرٌ عِنْدَكُم لِلمَرَّةِ الثَّانِيَة، وأَقُولُ الآنَ وأَنا غَائِب، لِلَّذِينَ خَطِئُوا مِنْ قَبْلُ وَلِلبَاقِينَ جَمِيعًا: إِنِّي، إِذَا عُدْتُ إِلَيْكُم، لَنْ أُشْفِق!
لأَنَّكُم تَطْلُبُونَ بُرْهَانًا عَلى أَنَّ المَسِيحَ هوَ المُتَكَلِّمُ فِيَّ. فَالمَسِيحُ لَيْسَ بِضَعِيفٍ تُجَاهَكُم، بَلْ هوَ قَوِيٌّ بَيْنَكُم.
أَجَلْ، لَقَدْ صُلِبَ بِضُعْف، لكِنَّهُ يَحْيَا بِقُدْرَةِ ٱلله. وفيهِ نَحْنُ أَيْضًا ضُعَفَاء، لكِنَّنا سَنَحْيَا مَعَهُ بِقُدْرَةِ ٱللهِ مِنَ أَجْلِكُم.
إنجيل القدّيس متّى 9: 35 – 38
كَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ المُدُنَ كُلَّهَا والقُرَى يُعَلِّمُ في مَجَامِعِهم، ويَكْرِزُ بِإِنْجِيلِ المَلَكُوت، ويَشْفِي الشَّعْبَ مِنْ كُلِّ مَرَضٍ وكُلِّ عِلَّة.
ولَمَّا رَأَى الجُمُوعَ تَحَنَّنَ عَلَيْهِم، لأَنَّهُم كَانُوا مَنْهُوكِيْن، مَطْرُوحِينَ مِثْلَ خِرَافٍ لا رَاعِيَ لَهَا.
حينَئِذٍ قَالَ لِتَلامِيْذِهِ: «إِنَّ الحِصَادَ كَثِيْر، أَمَّا الفَعَلَةُ فَقَلِيْلُون.
أُطْلُبُوا إِذًا مِنْ رَبِّ الحِصَادِ أَنْ يُخِرِجَ فَعَلَةً إِلى حِصَادِهِ».
التأمّل
”إِنَّ الحَصادَ كَثير، أَمَّا الفَعَلَةُ فَقَليلون“
مَن مِنَّا يَلمُسُ الواقِعَ وَلا يَشعُرُ بِضَرورَةِ صُنعِ الخَيرِ، وَمواجَهَةَ كُلِّ أَنواعِ الشَّرّ؟ إِنَّ أَشكالَ التَطَوُّر ما هِيَ سِوى عَلامَةٌ واضِحَةٌ لِسَعيٍ نَحوَ الأَفضَل بِهَدَفِ الخَير خاصًّا كانَ أَم عامّاً، وَإِن عَرَفَ خَطَرَ الإِنحِرافِ حَيثُ يُصبِحُ غَيرَ نافِعٍ للنَّاس يَبقى دَليلًا عَلى فِطرِيَّةِ تَطَوُّرِ الإِنسان العاقِل. إِنطِلاقًا مِن هُنا نَكتَشِفُ أَنَّنا مَدعوّينَ مُنذُ البَدءِ وَمِن خِلالِ تَركيبَتِنا الأَنتروبولوجِيَّة أَن نُطَوِّرَ قُدُراتِنا، وَلِكَي نَستَطيعَ ذَلِكَ عَلَينا بِمَوقِفِ الإِنفِتاح على اللهِ وَعلى أَنفُسِنا وَعلى الآخَرين. هذا ما نَكتَشِفُهُ واضِحًا في حَياةِ يَسوع، إِذ نَراهُ يُوَصِّفُ واقِعَهُ، وَعَلَيهِ يُجيبُ مِن خِلالِ النَّهجِ الَّذي اتَّبَعَهُ في إِعلانِ المـَلَكوت، كَما أَنَّهُ دَعا أُناسًا لِيَتَتَلمَذوا لَهُ وَأَن يَكونَ لَدَيهِم نَظرَةً إِيجابِيَّةً وَحُرَّةً تُقَيِّمُ الواقِعَ وَتُجيبُ عَلَيهِ مِن مُنطَلَقِ الخَير. نَظَرَ يَسوعُ إِلى واقِعِ عالَمِهِ وَرآهُ بِمَثابَةِ حَقلٍ صالِحٍ لِلحَصاد، فَالثِّمارُ مَوجودَةٌ فيهِ، يَبقى المـَطلوبُ فَعَلَةً يَعمَلون على قَطفِها وَاستِثمارِها بِشَكلٍ يَخدُمُ الإِنسانِيَّة وَيَدفَعُها أَكثَر لِمَعرِفَةِ عَطايا الله.
يا بُنَيَّ، لَقَد خَلَقتُكَ في عالَمٍ لا يَعرِفُ السُّكونَ بَل الحَرَكَةَ الدَّائِمَة كَعَلامَةٍ لِدَيمومَةِ الحَياةِ وَتَطَوُّرِها، وَمِن خِلالِ المـَقامِ الَّذي أَعطَيتُكَ إِيَّاهُ على رَأسِ الخَليقَةِ، كَإِنسانٍ عاقِلٍ، أَرَدتُ أَن تُشارِكَني بِالخَلقِ عَن طَريقِ العَمَلِ المـُقَدَّس وَالجَميل الَّذي يَنبَع مِن فِكرٍ نَيِّرٍ وَشُعورٍ مُرهَفٍ خُلُقّي وَرائِع. عَلَيكَ إِذًا أَن تُوَظِّفَ قُدُراتَ عَقلِكَ وَأَبعادِ حَواسِّكَ في الإِتِّجاه الَّذي يَدفَعُكَ لِكَي تَعرِفَني أَكثَر، وَتُحِبَّني أَكثَر، فَتَستَطيعَ أَن تَكونَ بِالشَّكلِ الأَفضَل وَأَنتَ تَصنَعُ الخَير بِفَرَحٍ وَإِقدامٍ وَسَلام. علامَةُ الإِنفِتاح هِيَ النَّظَر مِن حَولِكَ مَعَ الإِصغاءِ إِلى العالَم الَّذي يُحيطُ بِكَ حَيثُ تَسمَعُني أُوَجِّهُ النِّداء: “إِنَّ الحَصادَ كَثيرٌ، أَمَّا الفَعَلَةُ فَقَليلون” فَلا تَخَف مِنَ المـَسؤولِيَّة، وَمِن تَلبِيَةِ الدَّعوَة، ثِقّ بي واعتَمِد على الرُّوحِ القُدُس، فهوَ قادِرٌ على مَنحِكَ القُوَّةَ اللَّازِمَة الَّتي تَدفَعُكَ لِتَتَمَوضَعَ في المـَكانِ الصَّحيح وَالمـُوفِق لِخَيرِكَ وَلِلخَيرِ العام، وَالَّذي يَؤولُ إِلى تَمجيدِ اللهِ وَتَقديسِكَ. تُصبِحُ الحَياةُ أَكثَرَ جَمالًا، ما إِن تَجِد لَكَ فيها مَكانًا، وَأَكثَرَ حَيَوِيَّةً ما إِن تُدرِكُ بِكُلِّ كِيانِكَ أَنَّها عَطِيَّةً مِنِّي لَكَ لِأَنِّي أُحِبُّكَ. فَلا تَقِف أَبَدًا مَكتوفَ الأَيدي.
مَع يَسوع وَمِن خِلالِ تَجوالِهِ وَرِسالَتِهِ بَينَ المـُدُنِ وَالقُرى، نَتَعَلَّمُ كَيفَ عَلَينا أَن نَنفَتِحَ على عالِمنا، وَكَيفَ عَلَينا أَن نَتَفاعَلَ مَعَ المـُتَأَلِّمينَ وَالمـَرضى…، وهذا الأَمرُ يُساعِدُنا لِنَنموَ أَكثَر في إِنسانِيَّتِنا. مِن خِلالِ مَواقِف يَسوع تُجاهَ الإِنسانِيَّة، نَتَعَلَّمُ كَيفَ عَلَينا أَن نَأخُذَ مَواقِفَ وَمُبادَراتٍ تَهدِفُ إِلى تَمجيدِ الله، وَتَنبَعُ مِن فِعلِ المـَحَبَّة، الَّذي لا رَدَّةِ فِعلٍ فيهِ، بَل مِنَ الخَيرِ الأَسمى يَنبَعُ وَلا يَستَطيع إِلَّا أَن يُتَمِّمَ الخَيرَ انطِلاقًا مِن جَوهَرِهِ. كَما نَظَرَ يَسوع، عَلَينا نَحنُ أَن نَنظُرَ إِلى عالَمِنا، وَكَما شَعَرَ هوَ بِدافِعِ الحُبّ، مَعَهُ نُدرِكُ عَلى أَيِّ مُستَوىً عَلَينا أَن نَعيشَ. يُمكِنُكَ مِنَ اليَوم أَن تَبدَأَ العَمَل، فَالحَصادُ كَثيرٌ أَمامَكَ، خُذ وَقتًا للصَّلاةِ وَالتَّأَمُّل، وَبَعدَها دَع الرُّوحَ القُدُسِ يَدفَعُكَ لِتَبدأ.
رَبّي يَسوع، كَما نَظَرتَ إِلى العالَمِ وَرَأَيتَ أَنَّهُ حَسَنٌ وَفيهِ الكَثير مِنَ المَوارِدِ وَالطَّاقاتِ وَالنِّعَمِ، وَأَنَّهُ جاهِزٌ وَحاضِرٌ كَما الحَقلِ المـَزروعِ لِأَن يُحصَدَ، أَعطِني أَن أَنظُرَ إِلَيهِ مِن خِلالِ عَينَيكَ، وَهَبني أَن أَقِفَ أَمامَ آلامِ النَّاسِ وَأمالِهِم مِثلَكَ، وَبِفَضلِ نِعمَةِ روحِكَ، أَبدَأُ بِصُنعِ الخَيرِ عَلَّني أَكونُ جوابَ مَحَبَّةٍ لِكُلّ مَن يَسأَل الحُبَّ مِنكَ، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة جمعة الأسبوع الثّاني بعد الدّنح”إِنَّ الحَصادَ كَثير، أَمَّا الفَعَلَةُ فَقَليلون“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!