موقع Allah Mahabba مار أنطونيوس الكَبير
رسالة القدّيس بولس الثانية إلى أهل قورنتس 1: 1 – 11
يا إخوَتِي، مِنْ بُولُسَ رَسُولِ المَسيِحِ يَسُوعَ بِمَشِيئَةِ ٱلله، ومِنْ طِيمُوتَاوُسَ الأَخ، إِلى كَنِيسَةِ ٱللهِ الَّتي في قُورِنْتُس، وإِلى جَمِيعِ القِدِّيسِينَ الَّذِينَ في أَخَائِيَةَ كُلِّهَا:
أَلنِّعْمَةُ لَكُم والسَّلامُ مِنَ ٱللهِ أَبِينَا والرَّبِّ يَسُوعَ المَسِيح!
تَبَارَكَ ٱللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ المَسِيح، أَبُو المَرَاحِمِ وإِلهُ كُلِّ تَعْزِيَة!
هُوَ الَّذي يُعَزِّينَا في كُلِّ ضِيقِنَا، لِنَسْتَطِيعَ أَنْ نُعَزِّيَ الَّذِينَ هُم في كُلِّ ضِيق، بِالتَّعْزِيَةِ الَّتي يُعَزِّينَا ٱللهُ بِهَا.
فَكَمَا تَفِيضُ عَلَيْنَا آلامُ المَسِيح، كَذلِكَ تَفِيضُ أَيْضًا بِالمَسِيحِ تَعْزِيَتُنَا.
إِنْ كُنَّا نَتَضَايَقُ فَمِنْ أَجْلِ تَعْزِيَتِكُم وخَلاصِكُم؛ وإِنْ كُنَّا نَتَعَزَّى فَمِنْ أَجْلِ تَعْزِيَتِكُم، وهِيَ قَادِرَةٌ أَنْ تُعِينَكُم عَلى ٱحْتِمَالِ تِلْكَ الآلامِ عَيْنِهَا الَّتي نتَأَلَّمُهَا نَحْنُ.
إِنَّ رَجَاءَنَا وَطِيدٌ مِنْ جِهَتِكُم، لِعِلْمِنَا أَنَّكُم كَمَا تُشَارِكُونَ في الآلام، كَذلِكَ تُشَارِكُونَ أَيْضًا في التَّعْزِيَة.
فلا نُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا، أَيُّهَا الإِخْوَة، أَنَّ مَا أَصَابَنَا مِنَ الضِّيقِ في آسِيَا، قَدْ أَرْهَقَنَا إِرْهَاقًا فَوقَ طَاقَتِنَا، إِلى أَنْ يَئِسْنَا حَتَّى مِنَ الحَيَاة؛
ولكِنَّنَا حَمَلْنَا في أَنْفُسِنَا قَضَاءَ المَوت، لِئَلاَّ نَتَّكِلَ عَلى أَنْفُسِنَا، بَلْ عَلى ٱللهِ الَّذي يُقيمُ الأَمْوَات،
وهُوَ الَّذي نَجَّانَا مِنْ مِثْلِ هذَا المَوتِ وَسَيُنَجِّينَا. نَعَم، إِنَّ مَنْ جَعَلْنَا فيهِ رَجَاءَنَا، سَيُنَجِّينَا أَيْضًا.
وأَنْتُم أَيْضًا تُسَاعِدُونَنَا بِدُعَائِكُم لَنَا، حَتَّى إِنَّ مَا وُهِبَ لَنَا بِصَلَواتِ الكَثِيرِينَ يَجْعَلُ الكَثِيرِينَ يَشْكُرُونَ ٱللهَ مِنْ أَجْلِنَا.
إنجيل القدّيس يوحنّا 1: 43 – 51
في الغَدِ أَرَادَ يَسُوعُ أَنْ يَخْرُجَ إِلى الجَليل، فلَقِيَ فِيلِبُّس، فَقَالَ لَهُ: «إِتْبَعْني».
وكانَ فِيلِبُّسُ مِنْ بَيْتَ صَيْدا، مِنْ مَدينةِ أَنْدرَاوُسَ وبُطرُس.
ولَقِيَ فِيلِبُّسُ نَتَنَائِيل، فَقَالَ لَهُ: «إِنَّ الَّذي كَتَبَ عَنْهُ مُوسَى في التَّوْرَاة، وتَكَلَّمَ عَلَيْهِ الأَنْبِيَاء، قَدْ وَجَدْنَاه، وهُوَ يَسُوعُ بْنُ يُوسُفَ مِنَ النَّاصِرَة».
فَقَالَ لَهُ نَتَنَائِيل: «أَمِنَ النَّاصِرَةِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَيءٌ صَالِح؟». قَالَ لَهُ فِيلبُّس: «تَعَالَ وٱنْظُرْ».
ورَأَى يَسُوعُ نَتَنَائِيلَ مُقْبِلاً إِلَيه، فَقَالَ فيه: «هَا هُوَ في الحَقِيقَةِ إِسْرَائِيلِيٌّ لا غِشَّ فِيه».
قالَ لَهُ نَتَنَائِيل: «مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُنِي؟». أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُ: «قَبْل أَنْ يَدْعُوَكَ فِيلِبُّس، وأَنْتَ تَحْتَ التِّينَة، رَأَيْتُكَ».
أَجَابَهُ نَتَنَائِيل: «رَابِّي، أَنْتَ هُوَ ٱبْنُ الله، أَنْتَ هوَ مَلِكُ إِسْرَائِيل!».
أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُ: «هَلْ تُؤْمِنُ لأَنِّي قُلْتُ لَكَ إِنِّي رأَيْتُكَ تَحْتَ التِّيْنَة؟ سَتَرَى أَعْظَمَ مِنْ هذَا!».
وقَالَ لَهُ: «أَلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقْولُ لَكُم: سَتَرَوْنَ السَّمَاءَ مَفْتُوحَة، ومَلائِكَةَ اللهِ يَصْعَدُونَ ويَنْزِلُونَ عَلى ٱبْنِ الإِنْسَان».
التأمّل
”ها نَحنُ قَد تَرَكنا كُلَّ شَيءٍ وَتَبِعناك!“
لا يَعني السَّيرَ وَراءَ الرَّبَّ يَسوع، هَناءً وَراحَةً مُتَأَتّينَ مِن تَغَيُّرِ الواقِع، وَلا يَعني أَيضًا خُضوعًا للرَّبِّ وَإِن هوَ الحَبيبُ وَالمـُحِبُّ وَالمـَحبوب، إِنَّما يَعني مَزيدًا مِنَ البَحثِ، وَمِنَ العَمَلِ وَمِنَ العَطاءِ وَالتَّقَدُّمِ، فَهوَ يَعمَلُ بِغَيرَةِ القَلبِ وَطُموحِهِ وَرَغبَتِهِ لا لِبُلوغِ انكِفاءٍ وَاكتِفاءٍ مُحَدَّدَينِ، إِنَّما السَّعي الدَّائِم لِتَماثُلٍ وَتَطابُقٍ يَتَحَقَّقانِ في الوَحدَةِ وَالثَّبات. على وَقعِ حُزنِ الغَنيّ طالبِ ميراثَ المـَلكوت وَرافِضِ الدُّخولِ مِن بابِهِ، وَمَعَ جَوابِ وَموقِف يَسوع مِن عثَرَةِ الدُّخولِ إِلى المـَلَكوت، سَأَلَ بُطرُسُ الرَّبّ نِيابَةً عَن الرُّسُل، عَن ثِمارِ تَخَلّيهِم، وَعَن مَصيرِ اتِّباعِهِم لَهُ، على وَقعِ ما هُم عَلَيهِ في خِبرَةِ مُلازَمَتِهِم لَهُ. “ها نَحنُ قَد تَرَكنا كُلَّ شَيءٍ وَتَبِعناك!”، مِن جِهَةٍ يَعتَرِفونَ أَنَّهُ الأَوَّل وَيَسمو على كُلِّ شَيءٍ مادّيٍّ وَمَعنَويّ، وَمِن جِهَةٍ ثانِيَة، يَسأَلونَ عَن مَعنى وَنَتيجَةِ تَركِهِم واتِّباعِهِم للرّبّ. أَتُراهُ تَحَسُّرًا؟ أَتُراهُ اشتِراطًا مِنهُم أَو مَزيدًا مِنَ البَحثِ وَالفَهم؟ مَوقِفُ التَّلاميذ يُعَبِّرُ عَن النَّقصِ في إِنسانِيَّتِنا، وَالحاجَة المـُلِحَّة إِلى الله.
يَا بُنَيَّ، لا أَحَدَ يَترُكُ شَيئاً، ما لَم يَأخُذ شَيئاً أَفضَلَ مِنهُ. لا أَحَدَ يَستَطيعُ أَن يَتَخَلَّى عَن أَمرٍ ما أَو مَوقِفٍ أَو عَلاقَةٍ أَو أَشخاصٍ إِلَّا مَع أَسبابٍ موجِبَة وَضَرورِيَّة وَمُهِمَّة. بِحَماسٍ لا مَثيلَ لَهُ، تَرَكَ التَّلاميذُ كُلَّ شَيءٍ عَلى وَقعِ دَعوَتي لَهُم وَتَبِعوني، وَإِذا بِهِم مَعَ الوَقتِ يَعودونَ بِذاكِرَتِهِم إِلى ما كانوا عَلَيهِ، فَيَتَساءَلونَ عَن مَعنى ما فَعَلوا. يَومَ تَرَكوا وَجَدوا المـَعنى الأَسمى المـُعطى لَهُم من اتِّباعي، وَلَكِنَّهُم نَسَوهُ لِبُرهَةٍ، فَكانَ عَلَيهِم لا أَن يَسأَلوا أَنفُسِهِم وَحَسب، إِنَّما إِلَيَّ لَجَأوا وَالصَّوابَ فَعَلوا. بِهَذِهِ الحَرَكَةِ الإِنسانِيَّة، قَدَّموا لَكَ دَرسًا في التَّمييزِ وَاتِّخاذِ القَرار. لَيسَ عَلَيكَ أَن تَنغَلِقَ على أَفكارِكَ، إِنَّما عَلَيكَ أَن تَكشِفَ فِكرَكَ لي، وَأَن تُحاوِرَ بِالفِكرَةِ وَالمـَوضوعِ وَالشُّعورِ الَّذي يَختَلِجُكَ، لِكَي تَفهَمَ أَسبابَهُ وَنَتائِجَهُ وَأَبعادَهُ. لا تَكُن خَجولًا في السُّؤال مَهما كانَ عَلى شَتَّى المـُستَوَياتِ الأَخلاقِيَّة وَالوجودِيَّة وَالعَلائقيَّة وَالمادِيَّة. طالَما الأَمرُ يَأخُذُ مِن تَفكيرِكَ، عَلَيكَ أَن تُفاتِحَني بِهِ في الصَّلاة، فَمَعًا نَنظُرُ إِلى البَعيد، وَإِلَيهِ عَلَيكَ أَن تَمضي وَأَنتَ حُرٌّ. لَم يَدَع بُطرُس حِواري وَتَعليمي حَولَ الشّابّ الغَنيّ يَمُرُّ سَريعًا.
عِنَدما قالَ بُطرُس لِيَسوع: “ها نَحنُ قَد تَرَكنا كُلَّ شَيءٍ وَتَبِعناكَ!” يَبدو لَنا واضِحًا مِن رَدِّ يَسوعَ عَلَيهِ أَنَّهُ عَنى بِذَلِكَ: العائِلَة، البَيت، وَالحَقل… . وَهَذِهِ الثَّلاث في حَدِّ ذاتِها تَدُلُّ عَلى الإِنتِماءِ وَعلى الإِستِقرارِ وَالإِستِقلالِ وَعلى المـُلك. أَتى جَوابُ يَسوعُ كَصاعِقَة، إِذ قالَ أَنَّ كُلَّ ما تُرِكَ يُؤخَذُ بِالأَضعاف؛ إِنَّهُ مَنطِقُ حَبَّةُ الحِنطَة الَّتي تَموتُ لِتُعطي أَكثَر، وَلَكِن كَيفَ يَكونُ ذَلِكَ؟ في الحَقيقَة اتِّباعُ المـَسيح يُحَرِّرُنا مِن انتِماءٍ عائليٍّ مَحدود وَمِن إِستِقرارٍ وَمُلكٍ مَحصورينَ بِمَكانٍ وَزَمانٍ وظَرف، لِنُصبِحَ مَعَهُ أَسيادًا على أَنفُسِنا بِفَضلِ نِعمَتِهِ الَّتي تُغنينا، وهذا ما يَدفَعُنا لِنَكونَ حُجَّاجًا أَحرارًا أَينَما حَلَلنا. خُذ مَقصدًا وَتأَمَّل بِالغِنى الَّذي يُعطيكَ إِيّاهُ المـَسيح في اتِّباعِكَ لَهُ.
رَبّي يَسوع، كُنتَ وَسَتَبقى بِتَعليمِكَ وَحِكمَتِكَ سِرًّا يُدهِشُ الأَذهانَ، لَكِنَّكَ تَمنَحُ للقَلبِ الطُّمَأنينَةَ وَالسَّلام. لَطالَما ظَنَنتُ أَنَّهُ بِبِناءِ مَملَكَتي الخاصَّة أُحافِظُ عَلى سَلامي وَاستِقراري، فيما مَملَكَتُكَ أَقَمتَها عَلى حَجَرِ زاوِيَةِ المـَحَبَّة وَالحُرِّيَّة. فَيا سَيِّدي وَأَنا أَترُكُ كُلَّ شَيءٍ، كُن لي أَنتَ في ذاتِكَ كُلَّ شيءٍ، لِأَستَكينَ فيكَ دائِمًا، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة تأمّل مار أنطونيوس الكَبير ”ها نَحنُ قَد تَرَكنا كُلَّ شَيءٍ وَتَبِعناك!“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!